"بنكيران يا حقير..عاقت بيك الجماهير".."جماهير ثوري ثوري..على بنكيران الدكتاتوري" و"ما دار ما يدير والو..بنكيران يمشي فحالو".. هذا شق من الشعارات التي صدحت بها حناجر وهي تجوب شارعي الحسن الثاني ومحمد الخامس بالرباط اليوم الأحد، في مسيرة دعا إليها "حزب الميزان" ضد حكومة بنكيران، حيث أجمع الحاضرون على أن هذا الأخير فشل في مهمة التسيير، وعليه الاستقالة في أقرب الأوقات.
داخل وأمام المقر المركزي لحزب الاستقلال القريب من "باب الحد"، وقبل ساعات قليلة من بداية المسيرة، كانت الاستعدادات للحدث بكل ما أوتيت له من معدات وشعارات وسيارات ودراجات ولافتات، البعض منهم يتجمع باستهزاء حول صورة بنكيران المُعدلة ببرنامج "فوتوشوب" والتي أظهرت زعيم الـ "بيجدي" كائنا مفتول العضلات.. قياديون يلقون آخر التعليمات، متظاهرون يبحثون عن قميص وطربوش يحمل رمز الاستقلال، بهلوانيون على أعمدة طويلة، نساء يعانقن بعضهن دلالة على اشتياقهن لبعضهن بعد سابق لقاءهنّ، أطفال ينزلون من حافلات استقدمتهم، وحمير جعلت لها قبعات.. إنها مشاهد من "مسيرة الكرامة".
تعليمات القياديين أشرّت في البداية على الاتجاه نحو المقر الجهوي للاتحاد المغربي للشغل لمباشرة مسيرة الاحتجاج، ونحوه اتجهت سيارات وراءها الكثير من المتظاهرين، إلا أن هذه التعليمات التمويهية، لم تكن إلا بغرض إفساح المجال أمام حميد شباط، ومرافقيه، كي يكونوا في بداية المسيرة التي ستأخذ من بداية شارع الحسن الثاني منطلقا لها صوب شارع محمّد الخامس.. وما أن تقدم الأمين العام كل الصفوف حتى تم الإعلان عن المسار الحقيقي، لتنطلق المظاهرة التي لم تكتف مظاهرها بفساحة الأرض كي تمتد للجو ببالونات هوائية ضخمة حملت كلمة "نازلة".
لم يستعن شباط فقط بالحمير التي ألبست أقنعة بنكيران وكتب على جبينها "فهمتيني ولّا لّا؟".. ولا بالدراجات الهوائية لتحديد مسار متظاهرين.. بل لم أيضا بعضا من "مشجعي الأولترا" الذين خلعوا ما يغطّي صدورهم وشرعوا في رفع شعاراتهم الخاصة من نظير: "ملكنا واحد.. محمد السادس" و"الشوهة..الشوهة" دون أن يلقوا بالا لكثير من الكلمات النابية التي أدمجوها مع صرخاتهم.
"هل أنت مع حزب الاستقلال؟ -لا أنا مع العدالة والتنمية. –وماذا تفعل في هذه المسيرة؟-جيت نْخْسرها ليهم" يجيب أحد المتظاهرين. "أنت ضد حكومة بنكيران؟ -أنا مع جميع الحكومات ومع جميع الأحزاب - وهل بمقدور شباط أن يحل المشاكل إن صار رئيس حكومة؟-نعم الله ينصرو" ترد متظاهرة أخرى.."كنطالب يْحيْدُو الدراري لّي وِرا لعيالات راه مكيحشموش" تقول أخرى.
الشبيبة الاتحادية، وهي التي اختارت الخروج للشارع بعد إعلان التنسيق بين حزب الـUSFP وحزب الاستقلال من أجل مواجهة الحكومة، ظهرت شعاراتها فاترة وغير قادرة على التأثير، خاصة وأن الكثير من أعضاءها تخلّفوا، لدوافع أو لأخرى، عن المشاركة.. والمعطلون لم يدعوا الفرصة تمر دون أن يشاركوا في قدح بنكيران عبر تجمعهم وسط مسيرة الاستقلاليين، كما كان لجبهة القوى الديمقراطية نصيبها من الحضور عبر أعضاء حملوا رمزها، دون نسيان مجموعات من الجنود السابقين التي كانت ضمن المحتجين صادحة بسوء أحوالها.
في مقدمة المسيرة، التفت الكاميرات حول حميد شباط والحبيب المالكي وعبد الكريم بنعتيق، بعدها ضاق شبان مرافقون لشباط بطالبي التصريحات وملتقطي الصور، فأخذوا في دفع من وقفوا أمامهم وهم يصيحون بوجوب الابتعاد عن زعيم حزب الميزان، إلا أن شباط كان أذكى من "مجتهدي الشبيبة" وهو يصرخ فيهم: "خلّيو عليكم الصحافة.. ما تْغوْتُوشْ عليهم".
اختلطت الشعارات مع بعضها، واختلط المُناضل بالمشاغب، حرارة الرباط جعلت بعضهم يبحث عن الظلال أينما وجدت، فيما كوادر القوات العمومية يقفون بعيدا لأجل مراقبة الوضع، آملين ألا يتحول "عرس شباط" إلى ما يؤرقهم ويجعلهم لاجئين لاستعمال الهراوات.. لم يصل المتظاهرون حتى محطة القطار الرباط المدينة أو مبنى البرلمان، بعدما اختارت المؤسسة الأمنية، إذ وضعت سياجات حديدية كي يُخبر المتظاهرون أن هناك سدّا أمام تقدّمهم وأنهم مطالبون بالتفرّق.
مع حلول الساعة السابعة من مساء أمس بدأت الجموع تتفرق، كل من حيث أتى، والأرقام التي لم يجرأ المنظمون على التصريح بها غطّى عليها التنظيم السيء الذي كان محورا لكل الأحاديث الجانبية، فيما رسالة شباط إلى بنكيران أوصلها غير ما مرة بتشديده على أن حكومتك غير كفؤة ولا قدرة لها على تسيير الصالح العام، ورسائل المتظاهرين الذين يريدون السكن والعيش الكريم ما فتئوا يرددون أمام شباط، ومنهم من قال له: "أنا زيدوني غير ألف درهم فالصَّالير، والله لا باقي هضرت".
المصدر:هسبريس