الصورة : حقوقيون في منصة الندوة
كان لشهادة ثلاث نساء وقعن ضحية اغتصاب أثر كبير في نفوس كل من حضر ندوة نظمت لتسليط الضوء على وقائع ذلك الاغتصاب بحضور بعض الضحايا، وأما بطلها فشخص يبلغ من العمر 62 سنة. شهادات استعرضت من خلالها ثلاث ضحايا تفاصيل ما تعرضن له أثناء عملية اختطافهن واغتصابهن من طرف ذلك الشخص المتهم باغتصاب واحتجاز واختطاف النساء والفتيات. وهي القضية التي هزت الرأي العام المحلي والوطني عقب شيوع خبر اعتقاله يوم 3 دجنبر الجاري بمركز مطماطة بضواحي صفرو، من طرف عناصر الدرك الملكي، وهو متلبس باختطاف امرأة من مركز سيدي احرازم بضواحي فاس بعد أن أطلع الدرك الملكي على رقم السيارة التي كان على متنها. وهو شخص ذو سوابق عدلية توبع من أجل الاختطاف والاغتصاب والسرقة الموصوفة والتزوير وسرقة السيارات والضرب والجرح، وسبق أن قضى بسبب ذلك عقوبات حبسية مختلفة المدد.
وتعود الوقائع حسب بلاغ مركز نجمة للاستماع والتوجيه والإرشاد القانوني، إلى سنة 2011، حيث قرر المركز تبني ضحايا الاغتصاب كمطالب بالحق المدني، وتسليط الضوء على حيثيات وقائع ذلك الاغتصاب من خلال شهادات بعض الضحايا خلال تنظيم ندوة احتضنتها قاعة أحد فنادق مدينة فاس مساء أول أمس 10 دجنبر الذي صادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وكانت أولى هذه الشهادات تلك التي سردتها فاطمة الزهراء، وهي مستشارة بإحدى الجماعات القروية بإقليم صفرو، أمام جمهور الحاضرين من حقوقيين وفاعلين جمعويين وإعلاميين غصت بهم القاعة. وأشارت الضحية إلى أن المتهم عمد إلى اختطافها عندما كانت تهم بمغادرة مدينة فاس في اتجاه مدينة صفرو، إذ قدم نفسه لها على أنه “خطاف”، فرفضت ركوب سيارته بداعي أنها في انتظار سيارة أجرة كبيرة لأحد أفراد عائلتها سيوصلها إلى مدينة صفرو، فقام المتهم في غفلة منها بوضع يده على فمها وأنفها، وأحكم قبضته عليها وقام بتخذيرها حيث لم تستفق إلا وهي داخل سيارته بالقرب من منطقة عين بيضة في اتجاه مدينة صفرو. وقالت الضحية إنها أبدت مقاومة شديدة عندما حاول المتهم اغتصابها، حيث أرغمته على تحويل اتجاه السيارة من خلال إحكام قبضتها على المقود، فاضطر إلى إيقاف السيارة ولاذت بالفرار، لكن المتهم نجح في سرقة أمتعتها ومن بينها ساعة يدوية ومجوهرات.
وبمجرد انتهاء المستشارة الجماعية من سرد معطيات اختطافها، بدأت عيون الحاضرين تجول باحثة داخل فضاء القاعة عمن ستقدم شهادة أخرى. وهو ما لم يدوم طويلا، إذ سرعان ما وقفت شابة في مقتبل العمر مازالت لم تكمل عقدها الثاني لتتوجه نحو المنصة وعلامات الخجل بادية عليها بعد أن انتابها التردد في اللحظة الأولى، غير أن ذلك سرعان ما انقشع، لتبدأ في سرد شريط المأساة التي عاشتها لحظات اختطافها من أمام إعدادية 6 نونبر بحي النرجس. كانت حينها برفقة إحدى صديقاتها لتجدا نفسيهما أمام سد سيدي احرازم تحت تهديدهما بالسلاح الأبيض. وبعناء شديد أكملت الفتاة حكايتها بعد أن اضطرها الانفعال إلى التوقف من حين لآخر وعيناها تغوران بالدموع. وفي الأخير، شكرت الحاضرين وانسحبت من المنصة وعلامات التأثر بادية عليها.
وكان تأثر الحاضرين واستنكارهم واضحين حين بدأت الضحية الثالثة لهذه المأساة في سرد وقائع ما قالت إنها تعرضت له من طرف المتهم. «في الوقت اللي كانو فيه الناس كيوفرو فلوس حولي العيد كنت أنا كندبر باش ندير الكورطاج»، عبارة صادمة فاهت بها الضحية الثالثة خلال هذه الندوة بسبب حملها من المتهم بعد اغتصابها. وهي عبارة كان لها الوقع الكبير وسط صمت عم القاعة وهي تحكي ما تعرضت له وعيناها تنهمران بالدموع، قبل أن تغادر كرسي المنصة وسط تصفيقات الحاضرين تحية لها على جرأتها في سرد وقائع ما تعرضت له من تعذيب وتعنيف واغتصاب أثناء اختطافها من طرف المتهم.
وأفاد بلاغ صحفي لمركز «نجمة» للاستماع والتوجيه والإرشاد القانوني تم توزيعه خلال الندوة، أن عدد ضحايا المتهم بلغ لحد الآن 28 ضحية من جميع الفئات العمرية، والعدد مرشح للارتفاع حسب نفس البلاغ.
واعتبر المصدر ذاته «أن هذا الغول الآدمي ظل طيلة سنتين يصول ويجول ويوقع ضحاياه من مدن عديدة، وهو ما أعطى للقضية بعدا وطنيا، مما يجعلنا أمام آفة أخلاقية واجتماعية وجب معها استنفار وتأهب حقوقي للتصدي والقضاء عليها»، فيما حددت محكمة الاستئناف بفاس يوم 27 يناير المقبل تاريخا للشروع في النظر في هذه القضية.